حين نتحدث عن التعليم الإسلامي والعربي في أفريقيا فنحن نتحدث عن قارة بأكملها، قارة تتكون من دول عدة تختلف في لغاتها وفي أوضاعها الدينية والاقتصادية، وتختلف في أنظمتها التعليمية. كما أن التعليم الإسلامي والعربي جزء من النشاط الدعوي وهو الآخر يتفاوت تبعاً لنسبة المسلمين في هذه الدول، وتبعاً للفرص المتاحة للمؤسسات العاملة في الميدان الدعوي. لاينفصل الحديث عن التعليم الإسلامي في أفريقيا عن التعليم في أفريقيا بصفة عامة، ومن هنا فالاطلاع على هذا الواقع هو الخطوة الأولى لأي دارس للتعليم الإسلامي.
فالتعليم الإسلامي الذي يتم عبر جهود فردية في الغالب، أو ترعاه مؤسسات ذات إمكانات محدودة لا يمكن أن يقارن بالتعليم الذي ترعاه دول تملك إمكانات وأجهزة متخصصة مهما بدت متواضعة فلا تصل إلى حال الأفراد أو المؤسسات الإسلامية العاملة في الساحة الإفريقية.
لازال التعليم في أفريقيا يعاني منذ عقود من التخلف والضعف، وفي تقرير حديث أعدته الأمم المتحدة تبدو الدول الأفريقية أقل الدول تحقيقا لانتشار التعليم الابتدائي.
–اللغة الأجنبية: سعى الكثير من الأفارقة وراء الانسلاخ من لغاتهم وافتخارهم بالانتساب للإنجليزية والفرنسية، فهذا أحد أعضاء البرلمان الغاني يقول:” إني أريد القول بأن الإنجليز قد تركوا لنا أشياء قد لا تناسبنا اليوم، ولكن لغتهم التي تركوها ربطت كل القبائل بعضها ببعض، وكذلك ربطت الثقافات المتعددة لسكان غانا بحيث جعلت من غانا أمة واحدة، وأظن أنه آن الأوان لأن ننمي الإنجليزية ونضيف إليها، ونجعلها لغتنا لأنها الشيء الوحيد الذي يجمعنا معاً كشعب واحد”.
–الاقتصار على العلوم الشرعية واللغة العربية: تركز المدارس الإسلامية والعربية على العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية دون غيرها من العلوم.
–المناهج: تعد المناهج التعليمية من أبرز مشكلات التعليم الإسلامي والعربي في أفريقيا، وتكاد هذه المشكلة تتصدر أي مقالة أو دراسة تتناول التعليم الإسلامي.
–عدم توفر الكتاب المدرسي: بالرغم من أهمية الكتاب المدرسي ومحوريته في التعليم الإسلامي في أفريقيا، وكونه يمثل المنهج الفعلي، إلا أنه في الغالب الأعم لا يتاح للمتعلمين، فالموجود من الكتاب المدرسي نسخة واحدة يمكلها المعلم، وفي المدارس التي تملك إمكانات أعلى –وهي نادرة- يطالب المتعلم بإعادة الكتاب للمدرسة ويصرف في العام القادم لمتعلم آخر.
–الإشراف التربوي: يمثل الإشراف التربوي الفاعل عنصرا مهما في تطوير التعليم والارتقاء به، وفي متابعة سير العملية التعليمية وتحقيقها لأهدافها. ونظراً لطبيعة التعليم الإسلامي الأفريقي واستقلالية معظم مدارسه فإن الدور الإشرافي نادر، بل حتى على مستوى الرقابة والتفتيش.
–المعلمون: لو أتيح بناء فلسفة واضحة للتعليم الإسلامي في أفريقيا، وإعداد مناهج تلائم تلك البيئة فنجاح ذلك كله يتوقف على وجود المعلم القادر على تنفيذ هذا المنهج.
–ضعف الإعداد اللغوي: النسبة العظمى من المعلمين في المدارس الإسلامية الأفريقية هم من تعد اللغة العربية لغة ثانية لهم، وكثير منهم تعلم اللغة في وقت متأخر من عمره، فضلا عن ضعف مستوى التعليم الذي تلقاه.
–أساليب العقاب والتعامل مع المتعلمين: تسود لدى العديد من المعلمين أساليب العقاب القاسية والتعامل الصارم مع المتعلمين.
وعلى الرغم من هذه الصعوبات والعقبات، ومن السلبيات والمشكلات التي يعاني منها التعليم الإسلامي في أفريقيا فيبقى التعليم الإسلامي منارة مضيئة من منارات العمل الإسلامي، وتبقى له آثاره الحميدة في نشر العلم الشرعي والدعوة للإسلام وحفظه في هذه القارة المستهدفة بتيار التنصير.
ومع ذلك فنتطلع للمزيد، وأمنيتنا أن يسعى التعليم الإسلامي لمراجعة واقعه وتقويمه، وأن تنشأ اتحادات وتكتلات للمدارس الإسلامية والعربية تسعى لتبادل التجارب والخبرات ولتوحيد كثير من الجهود المبذولة في هذا الميدان المهم من ميادين العمل الإسلامي.