يعتبر هذا المقال بمثابة قاعدة بيانات لفهم حقيقة القضية الفلسطينية، ولأننا لا نؤمن بالحقائق الُمطلقة، وعلى الرغم من الاستناد إلى المصادر الموثوقة في انتقاء المعلومات، يمكننا أن نتعامل معه على أنه جهد بشري يُصيب ويُخطأ..
فالتاريخ يملك آلاف الكُتاب، ومثل هذه القضايا الشائكة تملك آلاف الجوانب التي تحتاج أن يعيش المرء منا على حياته حيوات ليتمكن من رؤية كاملة عبر الزمن في سلسلة أحداث ووقائع وجب على العالم العربي أن يُدركها.
في رحلة عبر الزمن إلي تلك البُقعة التي تقع في القسم الجنوبي الغربي لبلاد الشام، والتي تعد من أقدم المناطق الحضارية في العالم، والتي نشأت في ربوعها أقدم مدن التاريخ منذ ثمانية آلاف سنة قبل الميلاد، مدينة (أريحا) والتي لا تزال تعج بالعمران والحضارة إلي عصرنا هذا.
مكانة فلسطين الدينية
لأرض فلسطين مكانة دينية عظيمة، فهي أول قبلة للمسلمين، وثاني مسجد بُني لله في الأرض، وفبها أرض الإسراء، وفيها ولد ودُفن الكثير من الأنبياء، وفي المنظور الإسلامي هي أرض المحشر، ولها مكانة عظيمة في قلب كل مسلم.
يؤمن المسلمون أنهم الورثة الجديرون بميراث داود وسليمان وأنبياء بني إسرائيل ممن حكموا فلسطين تحت راية التوحيد، كما يعتقد المسلمون أن اليهود تنكبوا عن طريق الحق، وحرفوا كُتبهم، وقتلوا أنبيائهم، وباؤوا بسخط من الله.
وقد كان السلوك العام للمسلمين أثناء حكمهم لفلسطين سلوكاً مبني على التعايش والتسامح على مر السنين.
أرض فلسطين مقدسة لدى الأقباط أيضاً، حيث يعدّها الأقباط مهد ديانتهم، ففيها ولد عيسى عليه السلام وقام بدعوته، وبها القدس وبيت لحم والناصرة أماكنهم الدينية العظيمة.
كذلك يعدّها اليهود أرضهم الموعودة، ومحور تاريخهم، ومرقد أنبيائهم، وفيها القدس والخليل أماكنهم الدينية المقدسة.
كان أقدم شعب سكن فلسطين هم (الكنعانيون)، والذين قدموا من جزيرة العرب منذ ٤٥٠٠ عام، لهذا عرفت بأرض كنعان، وشعب فلسطين الحالي هم سلائل الكنعانيين ومن اختلط بهم بعد ذلك من شعوب شرقي البحر المتوسط الـ (بلست) أو الفلسطينيون، والقبائل العربية.
ورغم أن فلسطين حكمها أقوام شتى إلا أن أهلها ظلوا يعمرونها دون انقطاع، وقد أسلمت أغلبيتهم وتعربت لغتهم مع قدوم الإسلام، حيث تأكدت الهوية الإسلامية لأرض فلسطين لأطول فترة تاريخية منذ الفتح الإسلامي لها في ١٥هـ – ٦٣٦ م، وحتى الآن، ولا اعتبار لقهر الاحتلال الصهيوني منذ عام 1948.
الصراع العربي الإسرائيلي
الخلاف يتركز أساساً حول أحقية الحركة الصهيونية في الاستيلاء على أرض فلسطين وإقامة دولة قومية يهودية على أرضها طاردين سكان فلسطين الموجودين فيها، أي أن طبيعة النزاع تتركز أساساً حول ما يسمى بالقضية الفلسطينية.
إن مزاعم الحق التاريخي لليهود في فلسطين تتهافت أمام حق العرب المسلمين في أرضهم، فأبناء فلسطين عمروا هذه الأرض قبل نحو ١٥٠٠عام من إنشاء بني إسرائل دولتهم (مملكة داود).
وقد حكم اليهود أجزاء من فلسطين حوالي أربعة قرون، ومن ثم زال حكمهم كما زال حكم غيرهم كالآشوريين والفرس والفراعنة والإغريق والرومان، بينما ظل الشعب الفلسطيني راسخاً في أرضه، وكان الحكم الإسلامي هو الأطول باستثناء الصليبين (٩٠ عاماً).
وقد انقطعت صلة اليهود بفلسطين نحو ١٨٠٠ عام، دون أن يكون لهم أي تواجد سياسي أو حضاري أو ريادي فيها، وإن أكثر من ٨٠٪ من اليهود المعاصريين حسب دراسات عدد من اليهود أشهرهم الكاتب آرثر كوستلر لا يمتون تاريخياً لفلسطين بأي صلة.
كما لا يمتون قومياً ببني إسرائيل، فالأغلبية الساحقة ليهود اليوم تعود الي الأشكيناز وهي قبائل تترية تركية قديمة تقيم في شمال القوقاز، وتهودت في القرن الثامن الميلادي، فإن كان هناك حق لليهود فإنه ليس في فلسطين وإنما في جنوب روسيا.
تُعد أسباب نشأه الحركة الصهيونية التي سعت لإنشاء كيان صهيوني في فلسطين الي ظهور النزاعات بعد ما تعرض له اليهود من اضطهاد على يد الروس، وبعد فشل حركة (الاستنارة اليهودية أو الهسكلا) والتي سعت لدمج اليهود في المجتمعات التي يعيشون فيها، دعت اليهود للعودة إلى أرض الآباء والأجداد (إيريتس يسرائيل).
و بالرغم من أن هذا الصراع يحدث ضمن منطقة جغرافية صغيرة نسبياً، إلا أنه يحظى باهتمام سياسي وإعلامي كبير نظراً لارتباطه بقضايا إشكالية تشكل ذروة أزمات للعالم المعاصر كالصراع بين الشرق والغرب، وعلاقة الأديان مع بعضها اليهودية والمسيحية والإسلام.
وعلاقات العرب مع الغرب وأهمية النفط العربي للدول الغربية، وكذلك لتورط العديد من الأطراف الدولية فيه والتي دعمها الاستعمار الغربي مثل بريطانيا وغيرها التي تهدف لتفكيك آسيا وأفريقيا لتمنع وحده العالم العربي وتضمن إبقاءه مفككاً عاجزاً عن النهضة، قابعاً في دائرة التبعية، ليبقى سوقاً لاستهلاك المنتجات الغربية.
كما تهدف لمنع ظهور قوه إسلامية كبرى تتمكن من الصعود، فقد أدركت أن بقاء الدولة اليهودية مرتبط بضمان ضعف ما حولة من أقطار المسلمين وتفكيكها وتخلُّفها، وكذلك فإن معادلة نهضة الأمّة ووحدتها مرتبطة بسقوط الفزاعة اليهودية والقضاء على المشروع الصهيوني.
يمكن لهذا الفيديو أن يغطي الكثير
أحداث التاريخ ووقائعة
نشأت فكرة المنظّمة الصهيونية العالمية خلال ثمانينات القرن التاسع عشر، وتم عقد أول مؤتمر في أغسطس عام ١٨٩٧ في بازل بسويسرا بقيادة ثيودور هرتزل ومجموعة “عشاق صهيون” والتي تبنى اليهود فيها نظريات جديدة في استعمار الأراضي الفلسطينية تقوم على فكرة استبدال محاولات السيطرة المدنية أو السلمية بالسيطرة المسلحة.
وقد نصت على «إن اليوم الذي نبني فيه كتيبة يهودية واحدة، هو اليوم الذي ستقوم فيه دولتنا»، لكنها فشلت في الحصول على شيء ذو قيمة حتى نهاية الحرب العالمية الأولى.
الحركة الصهيونية كان قوامها العنصرية حيث تقوم على ديباجات وخلفيات دينية وقومية يهودية، وشروط نجاحها مرتبط بإلغاء حق أهل فلسطين في أرضهم والحلول مكانهم.
تتابعت الأحداث في سلسلة من التاريخ حيث تبنت بريطانيا المشروع الصهيوني، فأصدرت في نوفمبر ١٩١٧ وعد بلفور بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وتمكّنت من إتمام احتلالها لفلسطين في سبتمبر عام ١٩١٨، وتنكرت لوعودها للعرب بزعامة الشريف حسين بالحرية والاستقلال، وقسمت دوائر النفوذ في بلاد الشام والعراق بينها وبين فرنسا.
وفق اتفاقيات سايكس بيكو من مايو ١٩١٦، التي خططت لجعل فلسطين منطقة دولية ثم استأثرت بريطانيا بعد ذلك بفلسطين وفق اتفاقيات سان ريمو من إبريل ١٩٢٠، وتمكنت من إدماج وعد بلفور في صك انتدابها على فلسطين الذي أقرته لها عصبة الأمم في يولو سنة ١٩٢٢.
وأثناء احتلال بريطانيا لفلسطين بين عامي 1918 و 1948 فتحت أبواب الهجرة اليهودية حتى تضاعفت أعداد اليهود من ٥٥ ألفاً سنة ١٩١٨ وحتى ٦٤٦ ألفاً سنة ١٩٤٨، وقد تمكّن شعب فلسطين رغم قسوة الظروف من الصمود في أرضه طيلة الثلاثين عاماً محتفظاً بأغلبيته على أرضه.
وقد استطاع اليهود تحت حماية القوة البريطانية بناء مؤسساتهم حتى وصلوا في سنة ١٩٤٨الي ٢٩٢ مستعمرة، وكونوا قوات أمن عسكرية من منظمات الهاغاناه والأرغون وشتيرن يزيد عددها عن ألف مقاتل، واستعدوا لإعلان دولتهم.
رغم حجم المؤامرة وثقل القضية على الشعب الفلسطيني إلا أنه رفض الاحتلال البريطاني والمشروع الصهيوني، وطالب بالاستقلال.
وعندها قامت التيارات الوطنية والإسلامية بزعامة موسى كاظم والحاج أمين الحسيني ورفاقهم بالتحركات السياسية والتعبئة الشعبية فكانت ثورة كُل من القدس ١٩٢٠، ويافا ١٩٢١، والبراق ١٩٢٩، وتحت ضغط الثورة الكبرى ١٩٣٦ – ١٩٣٩ اضطرت بريطانيا أن تتعهد بقيام الدولة الفلسطينية خلال عشر سنوات، وأنها ستوقف بيع الأرض لليهود، وأنها ستوقف الهجرة اليهودية بعد خمس سنوات، ولكن في نوفمير ١٩٤٥ عادت للمشروع الصهيوني من جديد برعاية أمريكية من خلال تصريح بيفن.
أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم ١٨١من نوفمبر ١٩٤٧ بتقسيم فلسطين الي دولتين، عربية ويهودية، وكان التقسيم بناءً على إعطاء اليهود الجزء الأكبر والأفضل من الأرض على الرغم من أنهم الأقلية الصهيونية الدخيلة على فلسطين.
وبذلك أعلن الصهاينة دولتهم (إسرائيل) في ١٤ مايو لعام ١٩٤٨ بعد أن تمكّنوا من هزيمة الجيوش العربية، واستولوا على أكثر من ٧٠٪ من أرض فلسطين، وشردوا آلاف الفلسطينيين، وألحقوا تدمير عظيم بالكثير من القرى بالمنطقة التي أقاموا عليها كيانهم، وارتكبوا ما يقرب من ٣٤ مجزرة.
أما بالنسبة لما تبقى من فلسطين، فقد قامت الأردن بضم الضفة الغربية رسمياً اليها، ووضعت مصر قطاع غزة تحت إرادتها، كما وافقت الأمم المتحدة على ضم الكيان الصهيوني في عضويتها بشرط السماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلي أرضهم، وهو ما لم يفعله اليهود مطلقاً.
وأثناء تتابع هذه الأحداث، سار شعار “قومية المعركة”، و”الوحدة طريق التحرير” خلال الفترة بين عامي 1948 و1967، وبذلك تولت الأنظمة العربية بقيادة جمال عبد الناصر زمام المبادرة، خلال ذلك تراجع الدور القيادي الوطني الفلسطيني لإفساح المجال أمام الحل العربي، غير أن الأنظمة العربية افتقدت المنهجية الصحيحة وانشغلت بعواطف الجماهير بدلاً من الإعداد للمعركة، بينما كان الكيان الصهيوني يشتد ويزداد قوة ورسوخاً.
تم إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 برئاسة أحمد الشقيري وبدعم مباشر من جمال عبد الناصر، وقد رحبت المقاومة الفلسطينية بإنشائها باعتبارها تجسيداً للهوية الوطنية والكيان الفلسطيني بعد تغيب طويل.
بالفعل بدأت المنظمات الفدائية الفلسطينية وعلى رأسها (فتح) بالانضمام للمنظمة، وتولى الرئيس ياسر عرفات زعيم فتح قيادة المنظمة سنة 1969، وعندها أقرت الأنظمة العربية أن هذه المنظمة هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وتم تمثيلها بنفس العام بصفة عضو مراقب في الأمم المتحدة.
توالت الأيام والصراع يشتد حتى جاءت النكسة الكبرى في عام ١٩٦٧ حيث كانت هزيمة مُرَّة للأنظمة العربية بكل ما تحمله الكلمة من أسى، فخلال أيام تمكن الكيان الصهيوني من احتلال باقي أرض فلسطين، فسقطت الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، وتم تشريد أكثر من ٣٠٠ ألف فلسطيني، كما سقطت الجولان السورية، وسيناء المصرية، وعمَّ الألم أرجاء الدول العربية..
مجموعة وثائقيات قيّمة حول القضية
يتبع ..