يُعاني التعليمُ في العالَم العربي من أزمةٍ غاية في الخطورة، وهي في الحقيقة ليست خَطِرةً فقط، ولكنها مزمنة أيضًا ويصعب حلُّها، بسبب تفشِّي أسباب الأزمة وتوغُّلها في كل المؤسسات العلمية الموجودة في كل الدول؛ فقد أشارت التقاريرُ أن الوطن العربي هو أكبرُ بؤرةٍ للأمِّيَّة في العالَم، وأن الجامعات العربية لم يكن لأيٍّ منها مكانٌ في الجامعات الـ100 الأعلى نجاحًا في العالم، في حين أن العدو الصيهوني قد تم إدراجُه على هذه القائمة بجامعة القدس المحتلَّة في المركز الـ70 بين 100 جامعة، ومن هذه النسبةِ يتَّضِحُ لنا اهتمام العدوِّ الصيهوني بالتعليم كبنية أساسية وكعامود أساسي من عواميد تكوين الدولة الناجحة.
مشكلات التعليم:
- يغلب على التعليم الطابع النظري، والاستمرار في تصميم المناهج وإعداد الكتب والمواد التعليمية بالأساليب التقليدية التي تكرس حفظ المعلومات واسترجاعها في عمليتي التعليم والتقويم، مما يقلل من الاهتمام بالمهارات التعليمية العليا.
- ضعف مخرجات النظام التعليمي ، إذْ يلاحظ فقر محتوى برامج التكوين التعليمي وقصوره عن الحاجات المعرفية والعلمية والاجتماعية والثقافية وتخريج دفعات متلاحقة من المتعلمين غير القادرين على عمل أي شيء مهم سوى الوظائف الإدارية والمكتبية وهم بذلك لا تستفيد من طاقاتهم مؤسسات العمل والإنتاج وهذه مشكلة كبرى.
- ارتفاع معدلات الإخفاق في مواصلة التحصيل الدراسي نتيجة للانخفاض التدريجي في الأجور الحقيقية التي يتقضاها خريجو التعليم مقارنة بالأعمال للأخرى الأمر الذي أدى إلى انخفاض العائد المتوقع من التعليم، مما جعل الاستثمار في التعليم أقل جاذبية للفرد والأسرة .
- ضعف نسبة الإنفاق على التعليم، ومعالجته.
- ضعف الانتماء والدافعية والروح المعنوية والصحة النفسية للمديرين والمعلمين تجاه أداء الأعمال والوظائف وذلك بسبب تدني الرواتب والحوافز المادية والمعنوية.
- تدني نوعية التعليم العربي ، و ضعف الطالب و المدرس على السواء ، و المقصود هنا بنوعية التعليم ضعف القدرات التي يبنيها التعليم في عقل و شخصية التلميذ ، حيث تظل مسألة نوعية التعليم أقل بكثير من دول العالم خاصة الصناعي منه ، فالتعليم لا يزال يهتم بالكم و يهمل النوعية و الكيف.
- تولي مسئولية الإدارة التعليمية العليا من قبل أفراد غير متخصصين في المجال التربوي مما ينجم عنه أثار سلبية عل العملية التعليمية سواء في التخطيط أو التنيظم والتسيير .
- تداخل الاختصاصات بين ادارة التعليمية العليا والوسطى والدنيا وكذلك بعض الجهات الأخرى .
- طرق التدريس المتبعة تقليدية تركز على الحفظ والتلقين والترديد ، بعيدا كل البعد عن الالتفات لمستويات التفكير العليا من فهم ونقد وتحليل وإستنباط .فهي تنحصر في دور الطلاب في الحفظ والتذكر ، وإعادة ما يسمعونه دون أن يتعمقوا في مضمونه واستقبال المعلومات وتخزينها دون وعي ، فيتحولون بذلك إلى أواني فارغة يصب فيها المعلم كلماته ، ويصبح التعليم نوعا من الإيداع.
هناك شيئًا هامًّا جدًّا في العملية التعليمية يجب الالتفات إليه، وهو توفير العمل المناسب في الدولة للحاصلين على شهادات عالية؛ حتى لا يصاب الأصغر سنًّا منهم بالإحباط من التعليم والاستهانة به، والاتجاه إلى العمل في سن مبكرة وترك التعليم، والالتفات إلى العلماء العرب في الدول الأجنبية والاستفادة من خبراتهم في تطوير التعليم؛ لأن التعليم هو الركيزة الأساسية في نهضة الأمم، كما يجب على مسؤولي وضعِ المناهج الدراسية أن يبتعدوا عن المناهج الصعبة والمعقَّدة والاعتماد على المناهج التي تعتمد على مشاركة الطلاب، ولا تحتاج إلى التلقين والحفظ فقط، فضلاً عن الابتعاد عن الغش في الامتحانات وتشديد الرقابة على الامتحانات، بحيث لا ينجح إلا مَن يستحق؛ حتى لا تتحوَّل العملية التعليمية إلى عمل روتيني والمجتهد ينجح والفاشل ينجح ويتساوون في الدرجات، كما أنه يجب عمل اختبارات دورية للمعلمين ولا يترك لهم أمر تعليم الطلاب يتصرفون فيه كما يشاؤون.