فطام ثان … هكذا يطلق عليه البعض نظراً لِما يُظهِره الطفل من رفض للمدرسة التي يعتقد بأنها المكان الذي سيبعده عن أمه وسيسلخه من بيئته وعائلته ، وقد يدفعه ذلك إلى البكاء والصراخ وربما يلجأ إلى سلوك عدواني عنيف . ونحن لا نلومه أبداً إن قام بالبكاء أو لجأ إلى سلوك عدواني وبالأخص ذلك الطفل الذي لم يفارق والديه قبل ذلك فهذا بالنسبة إليه عالم غريب، بعكس الطفل الذي اعتاد الذهاب إلى الروضة أو الحضانة فإنه ينسجم بشكل أسهل. وهناك عدة أمور تجعل الطفل يعاني من مشكلات في عامه الدراسي الأول وخصوصاً في أيامه الأولى منها : الإحساس “بالهجر” الذي يشعر به الطفل عندما يبتعد عن أهله . والخروج من الإطار العائلي حيثُ الأمن والأمان إلى عالم جديد لا يعرف عنه شيئاً . والأهم من ذلك استعداد الطفل البنيوي للخوف .
ومهما يكن وتداركاً لهذه المشكلة فلا بد من تهيئة الطفل نفسياً ومعنوياً لتقبل هذا العام الجديد .
لذلك على كلٍ من الآباء والمدرسة والإعلام أيضاً أن يُعلِنوا استنفاراً لاستقبال هؤلاء الأطفال .
فعلى المعلم أن يكون حاضراً بأساليبه التربوية التي تُريح الطفل نفسياً كإعداد بعض النشاطات مثل :
الرسم والألعاب ومشاهدة الفيديو .
وعلى الآباء التمهيد للطفل عن عالم المدرسة سواءٍ كان بالكلام أو الصور أو حتى مرافقته لزيارة المكان والتعرف عليه وذلك بالتنسيق والتعاون مع إدارة المدرسة والتحضير لذلك مسبقاً.
ففي أوروبا مثلاً تقوم المدارس بدعوة الأهل والأطفال قبل بدء العام الدراسي لرؤية المدرسة بجميع أركانها بما فيها الغرفة والمقعد الذي سيجلس عليه الطفل منذ يومه الأول. وتمهد هذه الخطوة عملية تعريف الطفل بالعالم الجديد الذي ينتظره، وخلال هذه الزيارة يختلط الأطفال مع أصدقائهم الجدد.
وإنني أرى بأنها خطوة جيدة تصبُ في مصلحة الجميع وبالأخص أبنائنا الطلاب.
أما بالنسبة للإعلام فدوره كبيرٌ جداً من خلال إعداد البرامج واللقاءات التي تُعين أولياء الأمور وتبصرهم ببعض الطرق التي تعينهم على التعامل مع طفلهم في عامه الدراسي الأول .
وإذا ما تحقق لنا ذلك أي تعاون هذه الفئات الثلاث (أولياء الأمور والمدرسة والإعلام) فإننا نكون قد حققنا قول رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام: ( كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته…) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
.
بالفعل , هذا الموضوع حساس للغاية ! إذ أعتقد أن أولى سنوات الطفل في المدرسة هي الأساس .. فلو أحب الطفل المدرسة والتمدرس منذ العام الأول فلا شك في أنه سيغدوا فردا ناجحا في المنظومة التعليمية .. بينما لو كرهها فأغلب الظن أن سيواجه مشاكل عديدة لعل أهمها التسيب الدراسي وهي نفس المشكلة التي تؤرق الدول العربية على الخصوص . شكرا لك على الموضوع البنّاء .. 🙂
شكراً لك أيمن على التعليق الهام والتحليل الأهم