لعل عالمنا العربي لا يحبذ أو لا يتعمال كثيرا مع مفهوم : العمل الحُر . على العكس من دول أخرى مثل أميركا التي بها أكثر من 60 مليون مُستقل , ونفس الشيء بالنسبة لدول أوروبا أين يوجد قُرابة 9 ملايين . لكن , هل السبب وراء هذا العزوف هو عدم معرفتنا الكاملة بهذا الجانب من الأعمال , أم أننا نُخطئ فنصنفها ضمن العمل المُستقل التقليدي أي بمفهوم العمل الخاص .
حسنا ساحاول توضيح الأمور قليلا , العمل المُستقل أو الحُر , وبالإنجليزية : Freelance . هو توجه قديم في الأصل , لكنه بالمسمى والفهوم الحالي يُعد جديدا نسبيا . فحول العالم هنالك ملايين الناس الذين يعملون بشكل فردي ومُستقل من أجل كسب قوت يومهم , حسنا هؤلاء هم من ندعوم بالمُستقلين , وإذا بحثنا عن أقرب وأبلغ كلمة في لغتنا العربية الجميلة والتي تصف هؤلاء سنجد أنها كلمة : عِصاميين .
لكن .. أليس هؤلاء هم نفس الأناس الذين نتعامل معهم كل يوم ونسمع عن قِصص نجاحهم من أمثال بيل غايتس وستيف جوبس على المستوى العالمي , وأناس آخرين على مستوى أقل في جميع بلاد العرب والعالم بأسره ؟
إجابتي هي : كلا . وهذا ما أحببت أن أبينه وأوضحه لكم . إذ أن هنالك فرقا بين : المُستقلين ( Freelancers ) , ورواد الاعمال ( Entrepreneurs ) , وكي تتضح لديكم الفِكرة أكثر , دعوني أستعن بمثال بسيط .. وبحكم أني أدرس الهندسة المعمارية أحببت أن أجعل بطل هذا المثال البسيط هو : المُهندس محمد .
حسنا , المُهندس مُحمد وبعد سنوات ( مُتعبة من الدراسة الجامعية ) , تخرج .. ثم عمِل كمُهندس مُتدرج لدى أحد مكاتب الدراسات , ولنفرض أنه وبعد مدة من العمل , وبعد أن اكتسب قدرا كافيا من الخِبرة , قرر أنه قد حان الوقت كي بدأ عمله الخاص . في هذه المرحلة سيكون أمام المهندس محمد خياران :
الأول : أن يبدأ المهندس محمد عمله بافتتاح مكتبٍ للدراسات , كما أنه سيلجا في كل مشروع إلى مهندسٍ مدني , وقد يطلب المساعدة من مهندس معماري أو اثنين في بعض المشاريع الكبيرة نسبيا .. عندها سيكون عمل المهندس محمد معتمدا بنسبة 90 % عليه هو ومعرفته وخبرته . لكن إذا ما قدر الله وأصيب محمد بوعكة صحية تستلزم منه التوقف عن العمل , لابد وأن مكتب دراساته سغلق أبوابه طالما المهندس محمد بعيد عن سوق العمل , إذا وفي هذه الحالة المُهندس محمد هو مُستقل ( Freelancer ) .
الخيار الثاني , أن يفتتح المهندس محمد عملا قائما بحد ذاته , فنجده قد افتتح مكتبا للدراسات به طاقم متكامل من مهندسين معماريين مساعدين , ومهندسين مدنيين إضافة إلى رسامين تقنيين , بل وسنجد حتى سكرتيرا ومحاسبا . وقد يتطور العمل لدى المهندس محمد فنجده قام بافتتاح فروعٍ أخرى , وأصبح لعمله هذا اسمٌ تجاريٌ وسمعة قد تصل إلى المستوى الوطني بل والدولي ! , و لنفرض كما فرضنا سابقا أن المُهندس محمد أصيب بوعكة صحية , فتوقف عن العمل , لاشك وأن مكتب الدراسات سيواصل عمله لأنه غير مُشخص , بمعنى لا يعتمد العمل فيه على وجود أو عدم وجود شخص ما حتى ولو كان المُؤسس والمسؤول! , عندها وفي هذه الحالة , سنرى أن المُهندس محمد هو رائد أعمال ( Entrepreneur ) .
لعل أبرز ما نُلاحظه هو ان العملَ المُستقل أصبح ينمو يوما بعد يوم , وأصبح المُستقلون يدركون بأن اعمالهم أصبحت مطلوبة أكثر في السوق بحُكم التنافسية , وبُحكم أن الزبائن بفضلون المُستقل على غيره كون المُستقل يمنح زبائنه تواصلا مباشرا معهم . كل هذا أدى إلى ميلاد ما يُعرف بحركة العمال المُستقلين ( The Freelancers’ Movement) .. وهي حركة تُعنى بحماية وتطوير العمل المُستقل حول العالم .
وكي نتناول الموضوع بشكل اعمق , إليكم هذا الإنفوغرافيك الذي يبرز أهم مميزات وعيوب العمل المُستقل :
( مُلاحظة : إفتح الصورة في لسان أو صفحة جديدة على متصفحك من أجل معاينتها بشكل أوضح وأكبر )
وهذا كتاب مجاني بالإنجليزية مُقدم من طرف : حركة المُستقلين . وأحببت أن اقوم برفعه لكم ( هو بصيغة PDF ) .
أخيرا , أود أن أقترحَ عليكم واحد من أكبر المواقع على الإطلاق من أجل بدأ مِشوارك كعامل مُستقل , وهذا مباشرة من مكتبك . الفِكرة تقوم على أن تعرض مهاراتك على آلاف الزبائن المُحتملين في الموقع , فمثلا هناك من يعرض عملا لنقل : تعريب موقع إلكتروني . وهنا يأتي دورك فمثلا لديك الخبرة الكافية في تعريب المواقع , كل ما عليك فعله هو أن تتقدم للوظيفة , وإذا كنت مُقنعا بما فيه الكفاية ستحظى بالوظيفة! الأمر بهذه السهولة .. 🙂 . اسم الموقع : Odesk .
https://www.odesk.com
أتمنى حقا أن أكون قد وُفقت في إيصال الفِكرة . تحياتي لكم ..
موضوع قمة في الروعة لما فيه من معلومات مفيدة ومهمة، ولكن تبقى الإحصائيات أجنبية لأن الموضوع مترجم، أليس كذلك ؟
في الحقيقة , لقد كتبت المقال بنفسي , وبخصوص الإحصائيات فقد أخذت الموجودة في الإنفوغرافيك + إحصائيات مُقدمة من طرف موقع : http://freelancersmovement.org/ … أشكركم على المرور .